عدد أبواب الحمراء:
لا ندري كم كان عدد أبواب المدينة على عهد المرابطين.وقد ذكر ابن سعيد أن عددها سبعة عشر بابا، ولم يعز ذلك إلى أحد، وزاد أن بعضها مع المدة قد هدم وأزيل.
وعددها عند الوزان – يتبعه مرمول – أربعة و عشرون بابا، وعند طوريس – والراهب دان نقلا عنه – بزيادة باب واحد، لكن ليس فيهم واحد ذكر بالنص الصريح أن ذلك كان في أيام المرابطين.
ومعلوم أيضا أن اسم الباب، في أسماء الأماكن في المغرب، لا يطلق على الأبواب المفضية من المدينة وحسب، بل كذلك على الأبواب التي بداخلها – وقد تقدم لنا مثال ذلك في باب قصر علي – وأيضا على البويبات التي لا يسلكها إلا الراجلون.
والنصوص التاريخية التي اطلعنا عليها ليس فيها ما يدل على أن مراكش كان لها على عهد المرابطين أكثر من اثني عشر بابا، وهو عدد أبواب سجلماسة، ولم يكن لقرطبة أكثر من سبعة أبواب.
وسيكون بحثنا في الأبواب بالسير من البسيط إلى المركب، ونبدأ عدها من جهة السور الشرقية: فهي التي لم تتغير منذ أن بنيت ( ولعل لوادي إسيل يدا في ذلك)، وسيكون سيرنا على عكس اتجاه عقارب الساعة.
باب أيلان : باب وقعة البحيرة
هو باب بعطفة واحدة، وهو ناتئ عن السور، ولعله أقل الأبواب تغيرا منذ عهد المرابطين. اشتهر ذكره من يوم انهزم الموحدون عنده في وقعة البحيرة المشهورة ( في سنة 1130 م/524 ه)(تم تفصيل ذلك في مقالة نشرت بهذا الموقع تحت عنوان : حصار مراكش )
وكان في الأصل يسمى باب هيلانة، وكانت هيلانة قبيلة جبلية صغيرة نزلت ببلاد جدميوة. واسم أيلان المسمى به الباب اليوم هو بلسان البربر، وذكره البكري، وإبدال الهمزة هاء عند نقل الأسماء البربرية إلى العربية كان جاريا في القرون الوسطى. وقد نبه ابن خلدون على أن الاسم الذي يرسمه هو ” هنتات” ومنه هنتاتة، ينطقه البربر بلسانهم ” إينتي”.
أما هيلانة أو هيلان فقد يكون اسم امرأة، وقد زعم دي سلان أنه أصل الاسم الفرنسي هيلين hélène، و لا أثر لهذا الاسم في المغرب اليوم.
باب الدباغ ( أو باب الدباغين):
هذا باب كثر ذكره منذ سقوط مراكش بيد الموحدين في سنة 1147م/541 ه, وهو باب حومة الدباغين، وما زال قائما، وهو أيضا باب إحدى أكبر مقابر المدينة.
هيئة بنائه بخمس عطفات ليست مرابطية، وقد طرأت عليه تغييرات كثيرة.
باب الخميس : باب أبي العباس السبتي
كان يسمى باب فاس ،وقيل :إن مصاريعه أتى بها من الأندلس بعد انتصار أحد سلاطين المغرب هناك . والظاهر أن اسمه القديم أهمل لما خمل ذكر مراكش على عهد بني مرين ، وقال صاحب “السعادة الأبدية ” : إنه هو المعروف أيضا بباب الشيخ أبي العباس السبتي .
ولم يبق شيء من هذا الباب, وكان ذا عطفة واحدة فقط، وحنية بين برجين ، إلى الطول ماهما.
باب تاغروت: باب الزاوية المنفرجة من السور الشمالي
هذا الباب صار فيما بعد من الأبواب الداخلية ، إلا أنه احتفظ باسمه، وهو أمر عجيب لأننا لا ندري معناه، أو قل لا ندري المقصود منه. وهو اسم يكثر وروده فيما يستعمله البربر من أسماء الأمكنة : معناه المنخفض والوادي والبستان ، ويطلق على بعض بطون القبائل.
وقد ورد في كتاب ” التشوف” ذكر قرية تسمى تاغزوت ، من بلاد تادلا، ونرجح أن هذا الموضع باسمه تسمى الباب في مراكش ، إلا أن يكون من اسم وادي تانسيفت،وهو قبالة الباب .
ويقع الباب عند قمة الزاوية المنفرجة من السور الشمالي، وما يزال يرى منه الناظر اليوم قوسا بحنيتين الواحدة خلف الأخرى ، لكن مجموع ذلك قد تأذى وتغير. وكان على جانبيه برجان بقي منهما البرج الغربي ، أما عطفاته وما بني فوقها ، فقد اندثر ذلك كله.
باب مسوفة:باب مشكوك فيه
يخرج من وسط المدينة طريق طويل، هو متنفس حومة رياض العروس ، من الحومات القديمة ، وينتهي عند السور، على قريب من أربعمائة متر إلى الشمال من باب دكالة ، ولا شك أنه كان يؤدي إلى باب قد غبر اليوم، وبقربه قبر مرابط كان هو حامي أحد الأبواب. فاستنتج غودفري دممبين- واستنتاجه صحيح مقبول- أنه الباب الذي كان يسمى باب الرخاء ، الذي ذكره ابن فضل الله العمري، إلا أن وثيقة وقعت إلينا أثبتت لنا بالبرهان عكس ذلك .
وباب الرخاء الذي ذكره دمبيين في تخطيطه يكون موقعه بابين بعد هذا ، أي حيث أوقع هو باب مسوفة. وما نعلمه اليوم لا يسمح لنا البتة بتحديد موقع باب مسوفة إلا هنا ، لهذا نرانا مضطرين-حتى يأتي اليقين – إلى التسليم بأن هذا الباب المشكوك فيه كان يحمل هذا الاسم، وكان اسم قبيلة مرابطية كبيرة مشهورة.
باب دكالة:تصميم مرابطي
الباب واسمه ـ وهو قديم من أصل مصمودي – ذكرا كثيرا كلاهما. والناحية المعروفة اليوم باسم دكالة كانت فيما قبل، إلى حدود القرن السادس عشر الميلادي على الأقل ، تشمل مساحة أوسع، تمتد إلى حدود تانسيفت، وكان يدخل فيها ما يسمى اليوم عبدة وأحمر والرحامنة والسراغنة .
والباب ناتئ ,على جانبيه برجان مربعان عائلان ، أحدهما أكبر من الآخر ، وله عطفتان ، وهو بمراكش الباب الوحيد على هذه الهيئة ، إلا أن تصميمه مرابطي ، لا شك في ذلك .
المرجع :
ـ غستون دوفردان
تاريخ مراكش من التأسيس إلى الحماية [ 1912م]
ترجمة الأستاذان : محمد الزكراوي وخالد المعزوزي
الجزء: 1 / الصفحات : 155-156 ـ 157-158
الناشر : وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
الطبع : دار أبي رقراق للطباعة والنشر
الطبعة الأولى : 1433هـ / 2012 م